جديدنا

كيمياء الاقط (مضير ، بقل )




الأقِط كان معروفًا عند العرب منذ القدم، وذُكر في كلامهم وشعرهم كرمز للطعام القوي والمُدَّخر للسفر، خاصة للبدو الذين كانوا يحتاجون إلى طعام يمكن حفظه لفترات طويلة.


في كلام العرب

كان العرب يصفون الأقِط بأنه “زَادُ الرَّحَّالَةِ” أو “طعام الصحراء” لأنه سهل الحمل والتخزين.

ورد في بعض الأمثال العربية القديمة: “الأقِطُ يُغْنيكَ عن اللَّبَنِ”، في إشارة إلى قيمته الغذائية.

يُقال أيضًا: “الأقِطُ قوتُ المُسافرِ”، أي أنه من الأطعمة التي يعتمد عليها المسافرون لطول مدة حفظه.


في الشعر العربي


ذكره بعض الشعراء في سياق الرحلات والصحراء والمعيشة البدوية، ومن ذلك:

قول الأديب والشاعر أبو العلاء المعري في وصف طعام أهل البادية:

إذا سارَ الفتى في الأرضِ يومًا .. فخبزٌ أقِطٌ أو تمرُ ماءُ

وهنا يذكر أن المسافر يكفيه خبزٌ وأقِطٌ وتمرٌ وماء، في إشارة إلى بساطة العيش وقوة هذه الأطعمة.

وقال أحد الشعراء في وصف الأقِط كطعام السفر:

وجبتُ الصحارى لا يَمَلُّ رفيقُنا .. وفي الزادِ أقِطٌ يملأُ الجوفَ والحشا

أي أن الأقِط كان جزءًا أساسيًا من زاد الرحلة، لأنه يمنح الشبع والطاقة.

وجاء في أبيات شعبية قديمة:

من جاعَ فالأقِطُ يكفيهِ القليلَ بهِ مخزونُ لبنٍ به الأرواحُ تكتملُ

وهنا يشير إلى أن الأقِط غذاء قوي ومُغذٍّ يكفي المحتاج بالقليل منه.


في التراث العربي

كان العرب يخزنون الأقِط لفترات طويلة، وكان يُستخدم في تحضير أطعمة مختلفة مثل المرق والأكلات الشعبية.

ذُكر في كتب الطبخ العربي القديم كأحد المكونات المهمة في المائدة البدوية.


كيمياء الأقِط: دراسة العمليات الكيميائية في تحضير اللبن المجفف التقليدي


الأقِط هو أحد المنتجات الغذائية التقليدية الشهيرة في بعض المجتمعات العربية، ويُعتبر نتاج عملية تحويل اللبن إلى شكل مجفف طويل الأمد، مما يجعله مصدراً غنياً بالمغذيات وسهل التخزين. عملية تصنيع الأقِط ليست مجرد ممارسة تقليدية، بل تتضمن تفاعلات كيميائية دقيقة تحدث أثناء التحضير والتجفيف. 


1. التخمر اللبني


تبدأ عملية تصنيع الأقِط بتخمير اللبن. في هذه المرحلة، تقوم بكتيريا حمض اللاكتيك بتحويل سكر اللاكتوز الموجود في اللبن إلى حمض اللاكتيك. هذا التحول يؤدي إلى انخفاض درجة الحموضة (pH) في اللبن، مما يمنحه الطعم الحامض المميز.



2. إزالة الماء والتركيز


بعد التخمر، يتم تصفية اللبن لفصل السوائل عن المادة الصلبة. هذه العملية تزيل الماء الزائد وتترك وراءها مزيجًا أكثر كثافة يحتوي على البروتينات، الدهون، والمعادن. إزالة الماء تمنع نمو الميكروبات وتزيد من فترة صلاحية المنتج.


3. التغيرات البروتينية أثناء التجفيف


في المرحلة النهائية، يُجفف اللبن المخمر للحصول على الأقِط الصلب. أثناء التجفيف، تتعرض بروتينات اللبن، مثل الكازين، لتغيرات في بنيتها. يحدث نوع من “التمسخ” (Denaturation)، حيث تتفكك الروابط الضعيفة في البروتينات بسبب فقدان الماء والحرارة. هذه العملية تجعل المنتج أكثر صلابة ومتماسكًا.


4. التحولات الكيميائية للنكهة


عملية التخمر والتجفيف تسهم في تعزيز نكهة الأقِط المميزة. بالإضافة إلى حمض اللاكتيك، تتشكل مركبات أخرى أثناء التخمر، مثل ثنائي الأسيتيل (Diacetyl)، الذي يعطي رائحة زبدية، ومركبات أخرى تُعزز الطعم والنكهة.


5. الفوائد التغذوية الناتجة عن التفاعلات الكيميائية


نتيجة لهذه العمليات، يصبح الأقِط منتجًا غنيًا بالعناصر الغذائية مثل البروتينات، الكالسيوم، والدهون الصحية. كما أن انخفاض محتوى الماء يعزز تركيز العناصر الغذائية ويطيل فترة تخزينه دون الحاجة إلى تبريد.


الخاتمة


تظهر كيمياء الأقِط كدليل على التفاعل بين المعرفة التقليدية والعلم الحديث. العمليات الكيميائية، بدءًا من التخمر وحتى التجفيف، تسهم في إنتاج هذا المنتج الغذائي التقليدي بطريقة طبيعية ومستدامة. لا يُعد الأقِط مجرد طعام تقليدي، بل هو نموذج للاستفادة من العلوم الكيميائية في تطوير الغذاء وحفظه.

معلوماتك
بواسطة : معلوماتك
هدفنا في موقع معلوماتك نشر المحتوى العلمي العربي
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -